موضوع: الشيخ سلمان العودة : لولي الأمر الحق في تقييد زواج الصغيرة السبت أغسطس 21, 2010 10:07 am
قال فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة : إنه ليس من المستنكَر أن يقوم ولِيّ الأمر (الحاكم) بقدر من التحديد وضبط المباح، وأن له الحق في تقييد زواج الصغيرة، ومن الممكن أن يحدد سنًّا معينًا لزواج الفتيات، ويكون ما دون ذلك له وضع خاصّ.
موضحًا أن البنت التي يُراد تزويجها دون سنّ سبع عشرة أو ستّ عشرة يكون لها نظام خاصّ كمراجعة القاضي وتعرُّفه على الظروف وقد يجد القاضي ما يستدعِي مثل هذا الزواج، وهذا معنى سليم، مشيرًا إلى أنه لا يوجد إجماع فقهي على جواز تزويج الأب ابنته الصغيرة كما يعتقد البعض.
وأكد الشيخ سلمان- في حلقة الأمس من برنامج حجر الزاوية على فضائية mbc - أنه يجب ألا يكون هذا الأمر مدعاةً إلى أن يكون هناك جدل مفرط حول هذا الزواج، أما أن يكون جدل معتدل فلا بأس به.
منتقدًا الذين يُفْرِطون في الجدل حول هذه القضية ويعتبرون أن هذا حكم بغير ما أنزل الله وأن القضية صارت كأنَّها نوعٌ من تغيير وضع المرأة وتغيير وضع المجتمع.
وقال فضيلته: لا أرَى من الجيد أن يكون الفقيه أو العالم- الذي هو مُصْلِح اجتماعي- يبدو وكأنه يغفل عن معاناة فئة من الناس، ونحن نعرف أن هناك حالاتٍ غير قليلة من البنات الكبيرات يعانين من العضل والمنع من الزواج وفئة تعانِي من الإجبار والإكراه و مصادرة الحقوق.
ولفت الدكتور سلمان العودة إلى تغير أحكام فقهية بسبب المتغيرات وأن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- غرّم الصنّاع، وأبا حنيفة غيّر رأيه في مسائل بسبب تغيّر ظروف الناس تبعًا لذلك.
وأكد الدكتور سلمان العودة أنّه لا يوجد إجماع عند الفقهاء من الناحية الشرعية بجواز تزويج الأب ابنتَه الصغيرة كما يعتقد البعض. مشيرًا إلى أنّ بعض الفقهاء حكى أن هناك إجماعًا مثل ما نقله النووي، وابن حجر، وابن قدامة، وما نقل عن الإمام الشافعي رحمهم الله، لكن الواقع أنه لا يوجد إجماع في المسألة.
ودلَّل الشيخ سلمان العودة بقوله: إنّ ابن حزم وغيره قد نقَلوا عن جماعة من الفقهاء كما نقل عن ابن شبرمة، وعن عثمان البَتِيِّ، وعن أبي بكر الأصَمِّ أنَّهم يقولون بعدم جواز تزويج الأب ابنتَه الصغيرة دون البلوغ؛ وذلك لأنه لا يجوز للأب أن يجبر البالغة على الزواج- وهذا هو القول الصحيح- فكيف يجبر مَن هي دون البلوغ ومن لا يعتبر موافقتها غير معتبرة؛ لأنَّها دون سنّ البلوغ.
وأضاف فضيلته: على الرغم من أنّ القول بعدم الجواز يُعَدّ رأيًا غريبًا عن الفقهاء إلا أنني أتعجب وأجد الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله قال بعدم الجواز وانتصَر لهذا القول وراعَى فيه معنى أنه مُتغيّر.
وأوضح الشيخ سلمان أن المتغير يعدّ قضية مهمة ومعتبرة، حيث إنّ بعض الآباء ليس عندهم الإحساس بالمسئولية وأصبحت القضية فيها نوع من البيع والشراء والمتاجرة وضعف الذِّمَم، ولذا فقد ذهب الشيخ ابن عثيمين إلى هذا الرأي.
وتابع: كما أنَّ للشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله كلام قريب لكلام الشيخ ابن عثيمين في هذه القضية، وأنا أجِدُ تعزيزَ الرأي القائل بعدم جواز تزويج الأب ابنتَه الصغيرة بحديثٍ عند النسائي، فمَن قال الجواز استدلَّ بحديث عائشة رضي الله عنها وتزويجها للنبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع سنين، لكن هناك حديث عند النسائي وسنده جيد: عن عبد الله بن بُرَيْدَةَ عن أبيه قال خطب أبو بكرٍ وعمرُ رضي الله عنهما فاطمةَ فقال رسولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- «إِنَّهَا صَغِيرَةٌ ». فَخَطَبَهَا عَلِىٌّ فزوَّجَها منه.
ولفت فضيلته إلى أنّ هذا الحديث يوحِي بأن الصغيرة لا تزوّج ولا تُكره على مَن لا تريد، وإن كان جمهور الفقهاء يقولون بالجواز لكن هذا المعنى يرشِّح أن يكون لوَلِيّ الأمر الحق في ضبط هذا الحكم وألا يترك على عواهنه أو يترك لبعض الأولياء الذين لا يتقون الله سبحانه ولا يراعون الظروف، وقد يقع من جراء ذلك عدوان على البنات الصغيرات غير المهيئات للحياة الزوجية.
وأشار الشيخ سلمان في الحلقة التي جاءت بعنوان "تغير أسرة" إلى أن البيت وتبعة ومسئولية ولم يعد مجرد متعة، مؤكدًا أن هناك تغيرًا حاصلاً في سنّ الزواج وهو متغيّر اجتماعي يشهده الجميع.
وقال: أعتقد أن سنّ الزواج قد تغيّر، وكانت البنت تتزوج في الماضي؛ لأن القصة مرتبطة بالفقر وبِمَن يؤويها وينفق عليها، كما كانت البنت تنضج مبكرًا، وكانت البنت تعمل في المنزل وفي الحقل بخلاف بنت اليوم التي تكون مشغولة بالدراسة وأهلها حريصون على توفير الوقت والجوّ الملائم لها فتكون غير مهيئة لتحمل مسئولية البيت.
وأضاف: إنّ مشكلة زواج الصغيرات ظهرت في السعودية واليمن وبعض البلاد العربية وتحدثت فيها منظمات حقوق الإنسان وكانت مجالًا لحديث الناس والإعلام وكانت مظهرًا من مظاهر التغير التي تجد الناس فيه بين شدٍّ وجذب.
يُذكر أنّ قضايا ووقائع اجتماعية- خاصة ما يتعلق بزواج الصغيرات والفصل بين الزوجين بسبب عدم تكافؤ النسب- قد أثارت ضجة في الأوساط الفكرية والحقوقية، خصوصًا بعد زواج رجال تجاوزوا السبعين عامًا من فتيات لا يتجاوَزْن العشر سنوات، ويشهد المجتمع حراكًا حقوقيًا موجهًا إلى أوساط دينية وهيئات حقوقية للوقوف أمام هذه الحالات.
{shesho} مشرفة عامة
عدد المساهمات : 181 نقاط : 5413 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 17/08/2010